الاكتئاب ليس “مزاجًا سيئًا فقط”، بل يرتبط بتغيّرات قابلة للعكس في وظيفة وتركيب الدماغ:
ماذا يتغيّر وظيفيًا؟
-
دارات المكافأة (المخطط البطني/النواة المتكئة): استجابة أضعف للمتعة ← فتور وشحّ الدافعية (أنهدونيا).
-
اللوزة الدماغية: فرط يقظة للمنبّهات السلبية ← تضخيم القلق والحساسية للنقد.
-
القشرة الجبهية أمام الحركية/الظهرية الجانبية (dlPFC) والحوّاجزية (ACC): نشاط أقل ← ضعف تنظيم الانفعال واتخاذ القرار والتركيز.
-
شبكة الوضع الافتراضي (DMN): ترابط أعلى ← اجترار أفكار سلبية.
ماذا يتغيّر بنيويًا؟
-
الحُصين: قد يتناقص حجمه قليلًا مع نكسات طويلة ← ذاكرة أضعف ونزعة للتذكّر السلبي.
-
القشرة الجبهية/الحزامية: ترقّق طفيف في مناطق تنظيم الانفعال.
-
المادة البيضاء: تبدلات دقيقة في مسارات الربط (مثل الحزمة غيركوس/الأنسينية)، ما يؤثر على تواصل المراكز الانفعالية–المعرفية.
الكيمياء العصبية والهرمونات
-
BDNF واللدونة العصبية: انخفاض ← اتصالات مشبكية أضعف وتجدّد أقل.
-
السيروتونين/نورأدرينالين/دوبامين: خلل في الإتاحة أو الإشارة ← يؤثر على المزاج والدافعية والطاقة.
-
محور التوتر (HPA): فرط نشاط وكورتيزول مرتفع مزمنًا ← يؤذي اللدونة، خصوصًا في الحُصين.
-
التهاب منخفض الدرجة: ارتفاع إشارات التهابية (تنشيط ميكروغليا) قد يثقل المزاج والطاقة.
النوم والإيقاع اليومي
-
REM مبكّر ونوم عميق أقلّ ← تثبيت ذاكرة أضعف، يقظة متعبة، تفاقم الاجترار ليلًا.
-
اضطراب الساعة البيولوجية (تفاوت وقت النوم/الاستيقاظ).
الإدراك والسلوك
-
بطء نفسي–حركي، صعوبة تركيز، اتخاذ قرار متردّد، وميل إلى تفسير مبهمات الحياة سلبيًا.
هل هذه التغيّرات قابلة للعكس؟
نعم، بدرجة كبيرة. مع التحسّن العلاجي تتحسّن الوظائف، وتعود مؤشرات اللدونة (مثل BDNF) وتتعافى البُنى جزئيًا بمرور الوقت.
ما الذي يساعد؟
-
علاج نفسي منظّم (خاصة المعرفي السلوكي و”التنشيط السلوكي”): يقلّل الاجترار ويقوّي شبكات التحكم الجبهي.
-
مضادات الاكتئاب: تعدّل الإشارات الكيميائية وتدعم إعادة بناء المشابك عبر الزمن.
-
الرياضة الهوائية المنتظمة: ترفع BDNF، تحسّن المزاج والنوم.
-
نظافة النوم: مواعيد ثابتة، تقليل الشاشات ليلًا.
-
العلاجات الحيوية المتقدّمة عند اللزوم: التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة (TMS)، العلاج الكهربائي (ECT)، أو أدوية سريعة المفعول (مثل الكيتامين تحت إشراف مختص)—تعزّز اللدونة سريعًا في حالات مختارة.
-
تنظيم اليوم والروابط الاجتماعية: يقلّلان نشاط DMN الاجتراري.
متى أطلب المساعدة فورًا؟
-
ظهور أفكار انتحارية، خطط لإيذاء النفس/الغير، تدهور سريع في الاهتمام بالأكل/الشرب/العناية الذاتية، أو هياج شديد/ارتباك—تواصل فورًا مع الطوارئ أو جهة دعم موثوقة.
الخلاصة: الاكتئاب يبدّل طريقة عمل الشبكات الانفعالية–المعرفية واللدونة العصبية، لكنه قابل للعلاج. كل خطوة نحو العلاج (نَفسي، دوائي، نمط حياة) تدعم تعافي البنية والوظيفة مع الوقت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق